التراجيكوميديا وتقنيات الخروج الى الداخل

 

الكوميديا الناجحة هي تلك التي تعالج قضية ما بشكل كوميدي وبدونها يتحول الممثل إلى مهرج أو موضوع كوميدي لا أكثر. هكذا حدد شارلي شابلن الكوميديا والكوميدي، وعلى وفق تحديده هذا قمنا بتقسيم الكوميديا على قسمين: الأول أطلقنا عليه تسمية الكوميديا الهادفة، وأطلقنا على الثاني تسمية الكوميديا الاستهلاكية التي مهما تغيرت أساليب طرحها وطرائق أدائها فإنها لا تتعدى كونها أعدت لغرض الاستهلاك السريع الذي يعنى بالحصول على الضحكة، ولا يعنى بالحصول على هدف أو معالجة قضية .وقد شاع هذا النوع في مسرحنا العربي ووجد له متنفساً كبيراً بين صفوف جمهور واسع يعاني من القهر، والاستبداد، والترهيب، والتغييب، والاستلاب، والمصادرة والالغاء..إلخ..إلخ. إن ما يمتاز به هذا المسرح، في أحسن احواله، وافضل حالاته، أنه مسرح بلا تقنيات، يعتمد الخطاب الكوميدي السطحي، والتحريضي احيانا ، بنية أساسية متحكمة بكل مفاصل بنائه الأخرى فهو سهل الاخراج وسهل الأداء يحتاج فقط، إلى ممثل كوميدي متمرس يحظى بالشهرة وخفة الظلّ والقدرة على الإضحاك حتى في أتفه المواقف الكوميدية وأكثرها سفاهة وإسفافا .لقد استطاع هذا المسرح أن يزيح الكوميديا الهادفة ويستبعدها لأنه غير قادر على تمثلها واستيعابها، ولاعتماده، في أغلب الأحيان، على ممثلين فطريين لم يصقلوا مواهبهم بالدراسة، والتعليم، والتجريب ،ولم تتراكم لديهم سوى خبرة الأداء الكوميدي الفطري المجرد. إنهم أميّون أو أشباه أميين فرضوا أنفسهم على المسرح في ظرف ساد فيه الشعور الجمعي بالحاجة إلى الضحك حسب. واستطاعوا تحقيق نجاحات هائلة على صعيد شبابيك التذاكر حتى أنها أذهلت بعض المخرجين والفنيين وجعلتهم يفكرون في الانتقال من عالم الإبداع إلى عالم الإسفاف.  وقد فرز واقعنا المسرحي عدداً من الأسماء التي بدا أنها كانت تمتلك الاستعدادات الكافية، أصلا، لهذا التحوّل .لقد ظلّت الكوميديا الهادفة مركونة في الظلّ سنوات طويلة حتى خيّل لي أنها خمدت أو أخمدت أنفاسها ولم تعد قادرة بعد على الظهور، ولكنني فوجئت وأنا أحضر العرض الأردني الموسوم بـ(الخروج الى الداخل) الذي كتب  نصه وأخرجه لخشبة المسرح محمد الإبراهيمي بشموخ الكوميديا الهادفة، وبحضورها الآسر مما أوجب عليّ الدخول إليها من حيث خرجت هي إلى داخلي لبيان تقنياتها وقدرتها على استخدام الضحكة في لغة فصيحة طيّعة مرنة أثبت فريق العمل أن لها مثل ما للّهجة العامية من قدرةٍ على الإضحاك، وتحريرٍ من البكاء الداحض لحجة من زعموا أنْ لا قدرة لها على ترسيخ الموقف الكوميدي، ودعم القضية المطروحة كوميدياً .

 

العنونة

(الخروج الى الداخل) عنوان وضعه المؤلف/ المخرج محمد الإبراهيمي على أساس قلب الوضع الطبيعي لعملية الخروج بوساطة استخدام حرف الجر(إلى)  بدلا من حرف الجر (من) بقصد عكس الحالة الطبيعية بأخرى غير طبيعية لإعطاء صورة واضحة عن كيفية حركة شخوص المسرحية، ومسار تلك الحركة داخل النص والعرض، وهذا يعطي المتلقي، قارئاً كان أم مشاهداً، انطباعا أوليا عن سير الأحداث داخل المسرحية سيراً مغايراً للمعقول ومسايراً لغير المعقول .

 

الموجهات
  
 تبدأ مسرحية (الخروج الى الداخل) بسقوط بقعة ضوء في المكان الخطأ فيطالب الممثل، الذي لم يسقط الضوء عليه، منفذ الإضاءة بتصحيح الخطأ الذي صار يقع فيه المرة تلو المرة حتى نكاد نصدق أن الخطأ وقع فعلا بطريقة غير مقصودة، مع انها مقصودة فنيا، وهذا كلّه مهّد لكي لا يندمج جمهور النظارة مع الحدث أو يتماهى مع حياة الممثل كما يحصل عادة في أغلب الكوميديات وهذا تأكيد لمقولة يوجين يونسكو للكوميديا كثيراً، وبمفهوم بريخت للإيهام قليلاً. وما حالات كسر الإيهام ، خلال العرض، إلا نزوعاً نحو جعل المشاهد يتوقف عن الضحك ليفكر، ويحكم بدلاً من استرساله بالضحك أولا ، ولأن الكوميديا لا تمنح جمهور النظّارة مَخْرَجاً لأن الكوميديا أكثر دفعا نحو اليأس من التراجيدية على حدّ زعم يوجين يونسكو. ثانياً إن فريق العمل في هذه المسرحية يريد من المشاهد أن يصل إلى هدف حددته المسرحية، وسعى الممثلون إليه بسبل تقليدية وابتكارية، واداء متقن للضحكة والفكرة.  وهنا تنتهي المسرحية من وضع أولى موجهاتها.

بعد تصويب مسقط الضوء يؤدي الممثل (عبد الرحمن بركات) بطريقة البانتومايم، عدداً من الحركات الطقوسيّة المصاحبة لآلات النقر التي يتصاعد إيقاعها باطراد مستمر حتى تصل إلى الذروة فيسقط الممثل على البقعة التي ظهر عليها عند بدء المسرحية منهكاً، وخائر القوى، وتاركاً في نفوس جمهور العرض انطباعاً بتراجيدية حياتها وسوداويتها حتى يتبادر، لذهن المشاهد، أنه إزاء عمل درامي جاد بعيد عن الكوميديا وصروفها. ومن هذا المشهد وبطريقة الصمت نفسها ينتقل من الخشبة إلى الصالة، مستخدما مصباحاً يدوياً، باحثاً بين الجمهور عن شخص افتقده لكنه لم يحظَ به فيعود إلى الخشبة ليجده هناك قابعاً بهيئة صورة فوتوغرافية كبيرة يطفئ الضوء اليدوي، ويحاور الصورة عبر الظلام مؤكدا ظلامية واقعه المعيش وتعفنه :

"ما قيمة الشمس في هذا الجحر العفن"

 ويستمر بحثه عن ممثل يؤدي الدور معه بعد وضعه الاشتراطات الآتية :

عبد الرحمن بركات اذا لم يسافر، أحمد جوهر إذا اقتنع بالفكرة، عامر زهدي

"اذا زبط"

ويقوده هذا إلى محاورة جمهور النظّارة حواراً مباشراً بوساطته كسر سلطة الجدار الرابع لتنتهي المسرحية من وضع موجه جديد من موجهاتها.

بعد ما ينتهي من محاورة الصورة، ويقر بلا معرفته من منهما السجين ومن منهما السجان. يجلس لقضاء حاجته ومسح مؤخرته. يدخل اثنان نعرف أن أحدهما ممثل في هذه المسرحية والآخر تبعه من باب الشك بعدما وجده على قارعة الطريق المجاورة لمبنى المسرح يزن الناس بمقياس صغير، وبطريقة ارتيابية، يخبرنا إن الناس (ثكلانه) ليؤشر منذ هذه الكلمة إلى استخدام العرض للمفردات الشعبية الأردنية استخداما خدم الفصحى، وأعطى العرض ما يحتاجه من الغور إلى أعماق الشخصيات واستكناه دواخلهم. وبهذا يكون العرض قد أعطانا موجهاً جديداً من موجهاته الدرامية المتمثلة في استخدام المفردات الشعبية المدخولة في الفصحى بطريقة مبدعة .وعودة إلى الحوار المباشر بين الممثل والجمهور، وبحثه عن الممثل الذي يؤدي الدور معه على خشبة المسرح، وتبرع امرأة من مجالسي جمهور النظّارة  وارتقائها لخشبة المسرح وادائها لعدد من الادوار، تكون المسرحية قد جعلت الطريق سالكاً فنياً بين الصالة والخشبة. بمعنى آخر تعامل فريق العمل مع الجمهور باعتباره أحد العناصر الأساسية للعملية المسرحية. وبهذا يضيف العرض موجهاً آخر من موجهاته الرئيسة لتبدأ مجرياته بشق الطريق نحو طرح ومعالجة قضية الممثل/ الإنسان الذي تعرض لصنوف المعاناة والأذى.

 

القضية
    ارتكزت القضية المطروحة في (الخروج الى الداخل) على عدد من المرتكزات منها الحرمان، والخضوع لقوة وظلم القدر الغشوم، واستلاب الحقوق، وتغييب الشخصية، واجتثاث جذورها، واحاطتها بمحفزات الاغتراب، وكل ما يسبغ على حياتها الطابع التراجيدي المحض. فالشخصية، هنا، يحرمها قدرها من دفء الأمومة، وحنانها، ورعايتها، وحبّها، وحلاوتها فتنشأ بطريقة تجعل طفولتها غير طبيعية وهذا ما يؤكده تصريحها إنها لا تحب الحلوى ولا السماء. لقد تحكمت الأقدار بها وتلاعبت المصائب بحياتها وتفاقمت عليها ضروب الاستلاب وتركتها قشة في مهب الريح. لقد بدأت هذه الشخصية مسلسل حرمانها منذ الطفولة، وساهمت عوامل كثيرة بدفعها قسراً إلى ظلامية عالم مقيت، فالمعلم الذي يعترف انه مسؤول عن تنشئة تلميذه تربوياً لا يهمه من أمر تلميذه سوى شغفه بأمه وسعيه لملاقاتها في موعد يحقق له رغائبه، ويشبع غرائزه، عندما يبصق المعلم في وجه تلميذه لا يعطي التلميذ اي ردة فعل:

" لا باس فانا كثيرا ما ابصق في وجهي"

وعندما يكررها ثانية يردها عليه بوداعة مؤكداً أنهما أصبحا صديقين فيبصقان بصقة مشتركة كلّ في وجه الآخر في دلالة واضحة على انهيار القيم الأخلاقية والروحية. وفي لحظات نوم المعلم أمام سبورة الدرس كتوكيد على لا جدوى العملية التربوية يحاور الممثل شجرته الهادئة فيأمره المعلم، الذي يتصنع اليقظة، بالهدوء ثم يحاصره بالأسئلة الروتينية أين قلمك؟ أين كتابك؟ اين دفترك؟ أين؟ أين؟ أين؟ وإذ يجافيه النوم تماماً يعلن لتلميذه بوقاحة:

" امك ما تزال شابه.. رتب لي موعدا معها "

وهنا تقطع الشجرة في إشارة إلى انقطاع الشخصية عن طفولتها ومغادرتها لأحلام البراءة
" اما انا احلامي..طفولتي..طز "

وتبدأ المعاناة الأكثر مرارة وأشد قسوة في حياة الشاب ولكن على طريقة شر البلية ما يضحك فتبدو الكوميديا، هنا، مدخولة في التراجيديا، والضحكة موحدة بالمأساة والسخرية أو الهزل بالموقف الجاد. ولكي يعطي المخرج القضية حجمها كاملاً فانه يقدم لنا سلسلة من الأحداث القاسية المدعومة باستخدامات ابتكارية لقطع الإكسسوار التي استعاض بوساطتها عن الإكسسوارات الحقيقية التي لا يعطي وجودها الفعلي/ الحقيقي على الخشبة معنى أعمق مما أعطاه وجودها الافتراضي الايحائي .

 

المعالجة
    خلافاً لأغلب الكوميديات الاستهلاكية استخدمت مسرحية  (الخروج الى الداخل) تقنيات المسرح الدرامي من إضاءة ومؤثرات واكسسوارات وسينوغرافيا. إلخ فقدمت رؤيا متكاملة عن صورة شاب مستلب امتدت مسيرة معاناته من سليمان العيسى وقصائد الطفولة إلى بدر شاكر السياب ومخاض التجربة العسيرة القاسية.  ومن أجل أن يوصّل المخرج تلك الصورة بكلّ ألوانها المكوّنة لحياة ذلك الشاب فانه يلجأ إلى الأساليب الفنية والطرق الابتكارية مستخدماً من الإكسسوار المقياس، ومن الديكور السرير، ومحولا هاتين الأداتين أو القطعتين، بطريقة تتلاءم وطبيعة دورهما الأدائي، وقدرتهما التعبيرية إلى ما شاء من الأدوات التي تتلاءم بدورها آنيا مع مجريات الحدث، المقياس باعتباره مؤشراً رقمياً دقيقاً للكمّ أو للمقدار المتحقق من حياة الناس سواء أكان سلبياً ذلك المقدار أم ايجابيا. وقد استخدم المخرج مقياسين: مقياس الوزن الذي استدل بوساطته على أن المجتمع، خارج المسرحية منشغل بالأكل حدّ أن بطون الناس ثقلت أكثر مما ثقلت عقولهم. والمقياس المتري الذي أشار بواسطته إلى حقيقة طول وعرض وحجم حياتهم مقاسة بحقيقة طول وعرض وحجم حياة الشاب. أما قطعة الديكور الوحيدة فهي المؤشر الواضح إلى اختزال ممتلكات الشاب، وملازمتها لمراحل حياته، وتحولها على وفق متغيرات تلك الحياة إلى أدوات كان أبرز ما يميّزها هو اختلاف بعضها وظيفياً عن بعضها الآخر، وهذا هو ما حدث مع المقياس بالضبط إذ تحوّل في بادئ الأمر إلى منشار ضخم قطع الشجرة التي ارتبطت بحياته منذ الطفولة فأرداها قتيلة لتلحق هي الأخرى بموكب الأموات الذي ضمّ من بين من ضمّ أمه وأبيه لتأخذ صورة الحرمان عند هذه النقطة شكلها شبه النهائي. ومن هذه الحالة ينتقل المقياس إلى حالة مناقضة تماما إذ يتحوّل إلى آلة عزف (كمان) تعزف الممثلة عليها نغما رومانسياً جميلاً فنستنتج من هذا أن هناك فكرتين أساسيتين تتناولان الموت والحياة بطريقتين مختلفتين وهذا يعني وجود مقياسين مختلفين: مقياس للموت، ومقياس للحياة. وكلا المقياسين تحكّما بحياة الشاب وجعلاها على ما هي عليه. أما قطعة الديكور الوحيدة التي استخدمها المعلم، في البدء، كسبورة درس فإنها تتحول حال قلبها إلى منضدة طعام يجلس الممثل والممثلة في جانبيها المتباعدين. وبعد أن يقدم لها إضمامة ورد يبدآن بطلب الطعام فتطلب الممثلة عدداً كبيراً من أطعمة لم تذقْها من قبل مبالغة في حجم طلبها كتعبير عن جوعها الأكيد، وحرمانها الدائم، وهنا يهمس الممثل في اذن النادل آمراً إياه أن لا يقدم لهما من الطعام غير( الفلافل) لضيق الحال، وشحة المال، وبعد همس ولمس يتحابان فيتحول النادل إلى (مأذون) يعقد قرانهما، وتتحول المنضدة إلى عربة زفاف، وتتحول قطع القماش الموضوعة على المنضدة إلى أغطية رؤوس (كوفيات) وايشاربات ) ومع ارتداء العقال العربي تنطلق موسيقى الدبكة الأردنية ولكن بطريقة غريبة جداً تذهل الممثل/الشاب فيقف متسائلا عمّا إذا كانوا قد عولموا الدبكة أيضاً. وهنا يتحول المصباح اليدوي إلى ميكروفون، والمقياس المتري إلى كيتار، و(المأذون) إلى قائد للزفّة فيدفع العربة وهو يزغرد بعد أن تحولت العربة إلى سرير نوم يغازل الشاب من عليه امرأته النائمة. وفي ذروة فرحه وانطلاقه ونشوته يصدم بانقطاع أجلها وتحولها إلى جثة باردة يدفعها إلى وسط المسرح ويرتقي السرير لاعناً الموت :

"ايها الموت هذا اسوأ توقيت بالنسبة لك"  

يرقص فوق الجثة، يبكي، يرقص ثانية على نغم اغنية (يا البرتقالة) مقلداً حركات راقصات الأغنية في إشارة إلى تمايلهن، وهزهن البطون والارداف في الوقت الذي تنام بلادهن على الموت الزؤام وهكذا يضطر إلى توديع زوجته التي لم يحض بها ولو لليلة واحدة حسب، طالباً منها أن تبلّغ سلامه إلى أمه وأبيه والشجرة وقد انطوى سلامه على الايحاء بكونه رقما مستهلكاً كبقية الأرقام التي استهلكها الموت بعد طول معاناة وارهاصات واحباط. فها هم اولاء يتهمونه بقتل زوجته، ويحكمون عليه بالسجن خمساً وعشرين عاماً، والسرير الذي لم ينم عليه في ليلته الأولى يتحول إلى سجن داخله يتبادل الحوار مع السجناء عن الضرائب، والبوسنة، والاشتراكية، والعولمة. ومن السجن ينادون على اسمه ليلتحق بخدمة الوطن فتتحول المقاييس المترية هنا إلى بنادق

"انت مطلوب للخدمة.. لخدمة الوطن"  

وكحال الشباب الآخرين فانه يذهب إلى جبهة القتال المزعومة وهو لا يعرف مع من يقاتل أو ضد من. في جبهة القتال يتحول المقياس إلى هاتف، وإلى منفاخ لملء دواليب العجلة بالهواء، وبأسلوب كوميدي ساخر يقدم لنا صوراً عن آلية إدارة المعركة التي لا تعرف غير كلمة تقدموا حتى عندما يخبرونهم أنهم أسروا جميعا يأتيهم الأمر، عبر الهاتف:

"تقدموا"

بعد الأسر قدموا شكوى إلى الأمم المتحدة فتحول المقياس المتري إلى غليون بفم الموظف الدولي. ويستمر برواية عذاباته ومكابدته التي اسلمته إلى المرض فتأخذه سيارة الإسعاف، وهي نفس المنضدة أو العربة أو السرير في المشاهد السابقة، إلى المستشفى لفحصه من قبل لجنة طبية. اللجنة تبدأ بالعطاس فتقرر أنه مصاب بأنفلونزا الطيور، وتأمر بإيداعه الحجر الصحي سبع سنوات يطلق سراحه بعدها بتقديم اعتذار مهذب :

"آسفون جدا"  

فيضحك الشاب بمرارة وألم ، ساخراً من سنواته السبع المهدورة ومنهم وهو يردد:

" سبع سنوات..آسفون جدا"

لقد استكمل دورة حياته أو استكملوا له دورة حياته. وآن لحلقة خروجه أن تنغلق في النهاية على بدايتها .وبمثل ما ابتدأ العرض فانه ينتهي.

بقعة ضوء تسقط عليه، دون خطأ هذه المرّة، وهو لا يزال ممدداً على الأرض، ثم ينهض ببطء ليعلن عن: الخروج إلى الداخل .