الدورات الزمنية في الصعود الى نبتون

قصة الألتحام أنموذجاً

 

 

صدرت في الآونة الأخيرة ـــ عن منشورات مكتبة الوطن العربي في العراق ـــ مجموعة د. عبد الحليم المدني (الصعود الى نبتون)، وتضمنت على ثمانية عشر نصاً قصصياً بالحجم المتوسط. وجرياً على تقليد أدبي شائع اختار المدني إحدى عنوانات مجموعته القصصية لتكون ممثلة للمجموعة كلها مع أن المجموعة انتظمت في خط يوحدها في الإرتقاء الى فضاءات غير محددة تقليديا. وقد ارتأينا تناولها بدءًا من العنونة، وانتهاءً بالاستنتاج.

العنونة:

(الصعود الى نبتون) عنونة تفضي الى أكثر من مسار شاقولي يتجلى الأول حلميا بارتكازه على استيهام هائل في الارتقاء الى حيث نبتون (الهدف)، ويتجلى الثاني في الصعود الى الكوكب بسلطان الانتقال لحظوياً مشترطاً تداخل المادة بالوهم في التحام يستهلك الزمن بأقل وحدة متاحة، بينما يظل الثالث تهويماً عبر استبصار حركة كوكبية كونية تفضي الى ذات محددة بشخصية يشوش عليها غير المحدد أثيرياً، أما الرابع فانه يشي بلامكانية الحدث الذي تترى وقائعه الزئبقية على مسار الإرتقاء الافتراضي. وهي مركبة من مفردات ثلاث:

1.    الصعود: وهو في جوهره حركة ممثلة للارتقاء والتجلي.

2.    الى: حرف يجر ذلك الارتقاء الى هدف يرتجى مقتصرا على كوكب يسعى الانسان لاكتشاف اسراره الكائنية والكونية.

3.    نبتون: هدف الارتقاء الكوني الذي يسعى اليه مرتجوه بسلطان اللحظة الزمنية الفاصلة بين الانطلاق من الذات والعودة اليها.

 أما العنونة التوضيحية (قصص ذات محور واحد) فقد وضعت لتؤكد على:

1.      دوران المجموعة حول محور محدد ومقصود جعل قصص المجموعة تعزف على الوتر ذاته وان اختلفت النغمة من قصة الى أخرى.

2.      دوران الذات حول نفسها بآليات، وطرق اشتغال، وعناصر منتخبة بدقة.

وحتى الإهداء الذي جاء بعد العنونة (الى س. ب. س منذ الأزل.. الى الأبد) شكّل هو الآخر دورة كونية زمنية غير محددة بدايتها، وغير محددة نهايتها فهي مغلقة على مدار لا أول له ولا آخر كما هو نبتون وسائر الكواكب الأخرى. وهذا هو حال المهدى اليه (س. ب. س) فالباء هنا هي المحور والسين هي ما يدور حول هذا المحور حيث يبدأ الدوران بسين، وينتهي من حيث بدأ بسين أخرى وهكذا دواليك. وبعيدا عما أرادته العنونة ودخولا في المتن نجد أن لـ(نبتون) وجودا متكرر داخل قصص المجموعة ففي القصة الأولى ـــ على سبيل المثال  ـــ يشير القاص الى احتدام "نيران نبتون المتجمدة"، وفي قصة (حلم طائر النار) يقول مؤكداً رؤيته: "اختفت مركبتها النبتونية"، وفي قصة (الضجيج) "عاد بنظره الى نبتون".. وفي قصة (موت لازوردي) "كانت اشعاعات نبتون تتساقط على اطراف غابة الجليد ".. الخ. ولم يكن هذا التكرار مقتصرا على نبتون وأثره العام في مجمل قصص المجموعة فثمة تكرار لعملية الإلتحام في قصة (الزلزال) وقصة (مجرة الأقمار القزحية) وقصة (المجنونان) فضلا عن القصة الأولى التي جاءت تحت عنوان (الالتحام(.

وعودة الى العنونة التوضيحية نجد أن ما يهمنا كثيرا هو نقطة الدوران الثانية التي تفترض ذاتا مركبة، أو منقسمة، أو منشطرة على نفسها، أو مقسومة على اثنين ليتم ذلك الدوران والانفصال بطريقة تفضي به الى الألتحام ثانية وهذا ما سنتبينه في القصة الأولى (الالتحام).

عندما قرأت قصة (الالتحام) أول مرة عام 1999 بأجوائها الفنتازية، وعوالمها الغرائبية، وحداثويتها، وفرادتها كنص قصصي مدهش عكفت على استكناه عنصرها الدرامي، واجتراح نص يتصل معها وينفصل عنها في آن فكانت مسرحيتي الصامتة (الالتحام في فضاءات الصمت).

في القصة ثمة صوتان بارزان: الأول للمتكلم الذي يروي ما جرى له بشكل مباشر ومن دون الاعتماد على راو أو ناقل للحدث. والثاني هو صوته المكتوم الذي توجه به الى نفسه ـــ ملاحظا، ومنتقداً، ومعلقاً، وواصفاً بين قوسين ـــ على مراحل منتظمة كما لو أنه موجه الى شخص حاضر وغائب في آن. على هذين الصوتين اشتغلت القصة مستندة على التضاد مساحة لإبراز الصراع المتكافيء بين المتضادين.. تفتتح الشخصية الأولى قصتها بضمير المتكلم قائلة:

"عندما دخلت القاعة الواسعة الفسيحة ذات الارض المتماوجة أطلقت النار على رأسي مباشرة"

جملة أثارت فضولنا لغرائبية مكان الحدث وزئبقيته فالقاعة فسيحة، وواسعة، وأرضيتها متماوجة فأي قاعة هذه التي سنكتشف أيضا أن تموجها يتشكل على هيئة ستة تلال متلاحكة!. ثمة تناقض ظاهري وشكلي معلن بكلمات تشي بتوكيد ونفي ظاهرين في آن واحد. "رأيت القاتل يواجهني.. كان يجلس بانتظاري في زاوية حرجة.. يراني فيها ولا أراه"

فالرؤية هنا ذهنية متصورة، ومتشكلة من مادة الذهن الصرف يزيدها توكيدا رؤية التفاصيل الدقيقة لحركة القاتل الافتراضي (المتخيَّل) فهو يصوب نحو القتيل بطريقة مباشرة ودقيقة وهذا ما لاتستطيع ادراكه الا الذات المنقسمة (الأثيرية) التي لا تحتاج الى الرؤية العيانية المباشرة. نحن اذن امام شخصيتين متداخلتين باطنيا، ومنفصلتين ظاهرياً. احداهما تتشكل من مادة الخلق والأخرى من مادة الذهن العصابية، وقد يصعب الفصل بين فعليهما فجملة "رأيت القاتل يواجهني" تشير الى الذات القاتلة المفترضة العصابية. إن القاص وضع الحدث والشخصية ضمن دورة زمنية محدودة تفرعت من دورة كبرى وفيها صار القاتل والقتيل يتموضعان على زاوية مقدارها "الثالثة إلا ثلثا". هنا توقفت الشخصية الأولى عن بوحها الآني (الزمن المضارع) لتبدأ الشخصية الثانية بوحها باستخدام (الزمن الماضي) مع العلم أن الشخصية الأولى لم تدخل الماضي إلا من خلال لحظات خاطفة لكنها مثبتة على لوحة الزمن الكلي. إن القاص د.عبد الحليم المدني يستخدم بشكل خلاق معرفته الكافية بالدورات الزمنية، والمدارات الكونية ومعرفته بتفرد ارواحنا وقدرتها على تجاوز أسيجة الأزمنة واتصالها بعوالم سابقة (الماضي) ولاحقة (المستقبل) وهذا أتاح له الانتقال بين أكثر من زمن ضمن دورة واحدة. تبدأ الشخصية الثانية سردها باستخدام الفعل (كنتَ) للتعليق عما حدث للشخصية الأولى، وهنا تحديدا تتحول الشخصية الذهنية الى شخصية مادية ترى، وتحلل، وتعلق، وتصف مونولوجياً مجريات ما رأت:

"كنت تريد هذا بالتأكيد.. أنت ثمل بفرحك الصبياني.. ترفع يدك الى رأسك.. تتحسس موضع الاصابة.. تدخل أصابعك في جرحك الدامي وتبتسم.. تمسح قطرات الدم بيدك الشعثاء وتبتسم.. تنظر الى قاتلك وتبتسم.. كنت تريد هذا بالتأكيد.. اطلاقة في الرأس تعيد لك الحياة.. من جديد.."

وسنجد هذه الشخصية تشتغل على المونولوجية نفسها في قصص أخرى من المجموعة ففي قصة (ليلة الطرد من الجنة) يتحول تأكيد الجملة السابقة (كنت تريد هذا بالتأكيد) الى استفهام بسبب الاضطراب (أهذا ما كنت تنتظره في ركن عذابك الزمهريري؟)، وفي قصة (الزلزال) ثمة استنتاج هو في واقع الحال محصلة حاصل المجموعة كلها أو هو عامل مشترك بينها. تقول الشخصية نفسها: "أهكذا تموت إذن؟ أهذا هو الموت الذي كنت تريد؟"

فالحياة هنا تشكل نصف دورة زمنية تكتمل بنصفها الآخر الموت لتعيد الدورة انطلاقها الى ما لا نهاية. وبين الموت والحياة وحدات زمنية صغيرة حسابياً واسعة روحياً يمكن حصر زمن الحدث أو مجموعة الأحداث بين قوسيها. وبهذا تستبطن قصص المجموعة سرّ تلك الوحدات القلقة بمقدار كاف من التصور والتصوف في تجربة ريادية أو محاولة جادة لعبور هذه الوحدات قبل تجديد نفسها بلحظة خاطفة تمنح القاص فرصة استرداد انفاسه لوصفها بطريقة شبه واقعية على الرغم من عجائبيتها، وغرائبيتها، وسحريتها، وغموضها. واللحظة الخاطفة هنا تعني تجربة الإقتراب من الموت الى الحد الذي يتداخل فيها خيط الحياة مع الموت فتمحي الحدود بينهما وتنقل لنا الشخصية السعة الكونية الهائلة لهذه اللحظة التي تتسع لعملية الارتقاء من الأرض الى نبتون أو السفر لآلاف السنوات الضوئية بين المجرات. ولهذه الأسباب جميعا أزعم أن مجموعة (الصعود الى نبتون) كشفا جديدا لجوهر تلك اللحظة الزمنية الشاسعة في (حياتموت) الكائن البشري والتي تختلف فنيا مع قصص العائدين من الموت الذين نقلوا تجربة الاقتراب منه على خلفية اعتقادهم الديني كمؤثر لا يمكن تجاهل أثره في رواياتهم جميعا كما لا يمكن نكران التشابه بين ما نقلوه عن العالم الآخر الا بقليل من التفاصيل المرتبطة بكتبهم السماوية، فالمسلم سيلتقي حتما في روايته مع الرسول، والمسيحي مع يسوع، واليهودي مع موسى..الخ. أما مجموعة القاص د. عبد الحليم المدني فانها تشتغل على هذه الفكرة (فكرة الاقتراب من الموت) بعيدا عن هذه الروايات وانحيازها العقائدي.

 الشخصية الأولى والثانية ـــ إن جازت لنا التسمية ـــ انصب عليهما فعل القص الرئيس. فهما من يصنع الحدث، ويدير اللعبة بكليتها. وإذا كانت الشخصيتان من جنس واحد ـــ في القصة الأولى ـــ التحما في نهايتها التحام الذات بذاتها فانهما في القصص الأخرى مركبان من جنسين مختلفين فـفي قصة (المجنونان) يؤدي الالتحام وظيفته بين الرجل والمرأة بعد أن: "لاحظ أن يدها اليمنى قد التحمت مع يده اليسرى.. ومن نقطة الالتحام.. كان هنالك نسغ نازل يسحب دمها اليه.. ونسغ صاعد يدفع دمه اليها" وكذا الحال في قصة (مجرة الأقمار القزحية) حيث: "دارا حول بعضهما بعضا..التحما معاً" فالالتحام هنا محور من محاور الذات المنفلتة من مدارها المرتبط بمدارات أخر يصعب الانفلات منها بحسب التقييم المادي للحركة. وهو في القصص الأخرى قائم على أساس الانفصال التام المنجذب الى الأصل بقوة الارتباط العضوي المشدود الى الكيان الأول والذي يشكل في المحصلة النهائية نصفا قائما بذاته، ومكملاً لنصفه الآخر في دورة بايولوجية تحددت من خلالها رؤية القاص الى عملية الالتحام.

 أما شخصيات القصة الباقية فتأتي ضمن لحظوية وصف الظرف المحيط من قبل شخصية المتكلم:

"ارتدى الحكماء الخمسة الملابس الكهنوتية السود، ووضع كل منهم بضاعته العتيقة امامه بينما اخذ المتهم بالعقل جانبا من المكان على طرف دكة الحكماء الأيمن"

 وتخرج شخصية العجوز ـــ بشعرها الأحمر، وعينيها الزرقاوين الغائرتين، واطرافها المتدلية، وقبعة القش ـــ من قبرها الذي كاد يندرس وكان الكل بانتظارها لتقرير الحالة الغريبة التي ألمت بشخصية القاتل القتيل ـــ بطريقة سحرية كهنوتية جنونية شيطانية مربكة ـــ واصدار الحكم عليه بنقله الى السماء الأولى. ويستمر المونولوج في تدعيم موقف القاتل القتيل بالتمرد على الحكماء وأعمدة حكمتهم السبعة اعتقادا شبه جازم بان التمرد يرتفع بالمحكوم عليه الى سماء أعلى فالخروج عن الايمان التقليدي السائد أو التمرد عليه يشكل هنا حالة من التجلي تتسع دوائرها الموجية لتصل الى ذروتها حيث تندمج الذروة بالصفر لتعيد حركتها الموجية من جديد.

 ومن تقنية الزمن وآلياته ينتقل بنا المدني في قصته الى تقنية الاستذكار بحافز حركي أو شكلي فصورة الحكماء والمتهم بالعقل حافز شكلي ذكره بحرف لام الكبير باللغة الانگليزية، وطول أصابع العجوز ذكره بكلام معلمه الذي قال قبل مائة عام ستكون موسيقيا كبيرا او نشالا كبيرا، اما يده اليمنى التي استخدمها لمسح الدم عن وجهه وهي حافز حركي ذكره بحركة ماسحة الزجاج في السيارة. ومع أن هذه الاستذكارات جاءت بغرض التوضيح والمقاربة إلا أنها اربكت القاريء، وشوشت على استرساله في القراءة ولكن الحقيقة التي اكدتها هذه الاستذكارات تلخصت في توضيح الدورات الزمنية لشخصية القاتل القتيل حسب.

وبعد كل استذكار تعود شخصية المتكلم لنقل احساسها بطريقة تلبسها بالموت فمن اطلاق الرصاص على الرأس الى اسكفكسيا الاختناق المصحوبة بزرقة الوجه وجحوظ العينين وتدلي اللسان خارج الفم وعودتها ثانية الى طبيعتها وحيويتها ونزول الشخصية من التل السادس الذي يمثل التراكم الستيني للشخصية، ومن ثم مغادرتها خارج القاعة ليعود كل شيء الى طبيعته ولكن كما دخل الرجل الى القاعة خرج منها يتبعه القاتل فحالة الانفصام ظلت سارية لتعرف الشخصية أن القاتل إنما خرج ليتم عملية القتل.

الاطلاقة هنا إذن هي نقطة في آخر سطر الحياة وضعت لتختصر ستين عاما من حياة الشخصية ومكابداتها ولتنقل لنا الشخصية تجربة الموت غير المكتمل الذي يكتنفه سر غير قابل للكشف ويحاول القاص لمس جوهره الحقيقي وتحولاته داخل دورة صغيرة من الزمن. تقول الشخصية بعد خروجها من القاعة الغريبة:

"لم تعد خطواتي تطيعني.. أحسست بها تتباطأ.. تتباطأ.. لم أعد أسيطر على أطرافي.. كل شيء في داخلي مفاتيحه خارج جسدي"

وفي ذروة هذا الشعور تعود الشخصية لاستذكار الانسان الروبوتي الذي تدار مفاتيحه من خارجه أيضاً، وتأتي النهاية بعد احتدام نيران (نبتون) المتجمدة، وانطلاق صوت أنثوي يحيد عن طريقه كي لا يلتقيه:

"تسمرت قدماي في الأرض.. تجمدت اطرافي الحجرية.. كانت عيناي تسحبان الى الأعلى.. تصعدان للالتقاء بعيني قاتلي.. نظرت في عينيه.. أحسست بجسدي ينضغط.. ينضغط.. ثم يطفو.. تحمله وسادة أثيرية.. باردة.. ينقلب افقياً.. أحس به.. ينشطر نصفين.. وبهدوء.. يدخل العينين.. بهدوء.. بهدوء.. ساكن.. هاديء.. تماما.. دخل جسدي.. تم الالتحام.. أحس بالموت.. أنا أموت.. أموت..أموت فعلا......".

عند هذه القصة ينتهي الالتحام الذكوري/ الذكوري ليبدأ في القصص المقبلة الالتحام الأشد بين الـ(هو) كذات مستقلة، والـ(هي) كذات منتزعة وليبدءا معاً رحيلهما الإضطراري الى نبتون: "صعدا السلم الذي يتلوى صعودا" فاذا كان ارتقاؤهما الى نبتون هو الحدث الرئيس الأول فان هبوطهما الى الأرض ـــ بالطريقة نفسها ـــ هو الحدث الرئيس الثاني بعد ان "اغلقت الفردوس الجهنمية أبوابها" وبعد أن قطعا مسافة 20000 سنة ضوئية مما يعني أن قدرتهما على اللعب بالدورات الزمنية المختلفة كماً غير محدودة باراسايكولوجياً.

الاستنتاج:

1.    بين اطلاق النار بعد دخول القاعة وبين الموت بشكل كامل في نهاية القصة تكون الشخصية قد قطعت دورة زمنية كاملة استرجعت خلالها ما ساورها من المشاعر والأحاسيس الغريبة، وما رأت من الصور الغرائبية التي ساهمت بتعزيز عملية انفصام الجسم الأثيري عن الجسم المادي وملموساته، وعن تحولاته وتبدلاته، والتحامه في النهاية قبل الموت بلحظات خاطفة.

2.     استخدم القاص تقنية الصوت المركب لتحفيز عملية الصراع بيت الشخصيتين المركزيتين عن طريق خلق المزيد من التضاد بين طرفيها مما جعلها تتصف بصفة درامية.

3.    وبما ان الحالات التي مرت بها الشخصية غير محددة، وغير واقعية فقد ألبس القاص قصته وأحداثها لبوسا غرائبياً هو الأقرب لأجوائها الغامضة والمبهمة.

4.    استخدم القاص معرفته بدورات الزمن وأسراره الكوكبية والفلكية بشكل دورات صغيرة ضمن الدورة الكبرى للزمن أو ما أطلق عليه القاص تحديدا بالدوامة الكونية العظمى.

5.    جعل القاص نبتون هدفا للصعود والارتقاء لأنه الكوكب الذي ما تزال أسراره كامنة وخفية عن البشر كما أن دورة الزمن فيه غير مقررة كما هو حال الأرض.

6.    اشتغل القاص على الإلتحام ثيمة مركزية في قصصه الأولى توحدت من خلاله الذات بذاتها كما توحد عنصر الأنوثة بالذكورة.

7.    استخدم القاص المتناقضات كثيرا فمنح بعض مفرداته أوصافا غير منطقية كوصفه للموسيقى بالوحشية أو وصفه للفردوس بالجهنمي..الخ.

8.    مجموعة (الصعود الى نبتون) تعد كشفا جديدا لجوهر تلك اللحظة الزمنية الشاسعة في (حياتموت) الكائن البشري.

9.    وأخيرا تعد قدرة اللحظة الزمنية هائلة في اللعب بالدورات الزمنية المختلفة كماً، وهي غير محدودة باراسايكولوجياً. 

هذا باختصار شديد جانب من جوانب العالم الغرائبي الغامض والمبهم الذي حاول القاص د. عبد الحليم المدني جاهدا الكشف عن اسراره الخفية، والوصول الى استكناه حالاته غير الملموسة أو المحسوسة من خلال تجربة الاقتراب المتناسب من الموت الى الحد الذي يمكنه من وصف ذلك العالم المجهول وصفا يقارب الدقة التي تسمح بفهم بعض تفاصيله الغائبة واستيعاب القدرات الباراسايكولوجبة غير المحدودة للطاقة البشرية العظمى.